التعليم

لماذا شنت علينا الحرب؟

.

لا يمكننا تجريد الدين من الإنسانية، وليكون الطرح موضوعيًّا أكثر، الشخص المتدين لديه ميزات إضافية عن الشخص الإنساني، لكن لو ذهبنا بعيدًا لرؤية النظرات التي أصبحت تستهدفنا نحن كمسلمين لتناسينا المفهوم الأولي للتعايش، وأصبحنا نسأل عن حقيقة الحرب التي شنت علينا، وزادت حدتها اليوم مع تولي الرئيس دونالد ترامب قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ما أسبابها الحقيقة ولماذا نحن المعنيون وليس غيرنا؟
نحن لم نعش في وسطهم لنعرف الحقيقة الكاملة، لكن يمكننا ببساطة أن نلاحظ قيمة الترويج الإعلامي الخاطئ الذي ناله الإسلام، ومدى تأثيرها في الشعوب الغربية، يمكننا أن نلاحظ ببساطة أن القرارات التي تصدر كل مرة منهم غير منطقية ولا مبررة ولا تستند على أساس صحيح، إذ إن الأحكام المتعسفة التي أصبحت تتطاير بدون أجنحة وترتكز على ريح أفواههم سدت الطريق في وجه من يريد حقيقة القرون الوسطى منهم وهذا ما تبعه تحريف لطبيعة ذلك الزمان في جميع المجالات، ولو تتبعنا هذا الخطأ المفتعل بدقة لوجدنا أن منطقية الحرب التي وجهت بنادقها إلينا نحن الشعوب العربية المسلمة لم تكن تستهدف العروبة بقدر استهدافها للإسلام، وهذا طبعًا هو الذي خلق فيما بعد ذلك الصراع الجديد مع كل الدول المسلمة حتى وإن لم تكن عربية، يمكننا أن نحصي العديد من الأشياء الكاذبة عنا والتي هدفها الأول والأخير تشويه صورتنا وصورة الإسلام، يمكننا أن نذهب لأولها وأبرزها وهي تسميتنا بـ«المحمديين» وهي مشتقة من كلمة محمد بهدف وضع تقاسيم جديدة داخل الإسلام هذا من جهة، ومن جهة أخرى إخفاء كلمة الإسلام المشتقة من السلام عن العالم وإذهاب سريالية الاسم وما يحمله من معاني ربانية عنها، أي أن التزييف جاء ليقسم المعنى المتكامل للإسلام، ويظهر أن المسلمين الذين يتبعون محمدًا – صلى الله عليه وسلم- لم يكونوا يمثلون إلا فئة صغيرة من الحقيقة والتي عنيت بمجموع طقوس غريبة، والتي تمثل مجموع العبادات التي نقوم بها من صلاة وزكاة وصوم.. إلخ، أما فيما يخص الإسلام عامة فهو يعني به توحيد الله والإيمان به، هو دين الأنبياء كلهم من أبينا آدم إلى محمد – صلى الله عليه وسلم- هذا بدون إظهار الغاية التي أتى من أجلها محمد، وهنا لا ينفع إظهار بعض الحقيقة وإخفاء أغلبها؛ لأن السبب الحقيقي سيزيد إبهامًا، وسيسهل عملية الكفر به، ويمكننا أن نحكم على الفئات التي ما زالت تطلق هذه التسميات علينا رغم مضي ثلاثة عشر قرنًا بأنها تملك سطحية معرفية وتصنع التفكير والطرح الموضوعي للأمور، وفي هذه النقطة يمكننا أن نستشهد بما قالته الباحثة الألمانية في تاريخ الأديان زيغريد هونكه في كتابها «الله ليس كذلك»:
»إن العداء وحده حتى وإن كان ذلك بسبب العقيدة ليس كافيًا لتبرير فرض الحواجز والعراقيل أو الحصار أمام المعلومات الأفضل، والبحث الموضوعي الدقيق، وتحريف الحقائق التاريخية وتزييفها ومسها، وازدراء الخصم وسبه سبًا قبيحًا، وكراهية المخالفين لنا في الدين والعقيدة»
علينا أن نتعلم من الأمثلة الكبيرة للتعايش والإنسانية ونجعلها قدوة لنا بدلًا من أن ندفنها، فنحن عندما نرى السيدة فيروز تغني للقدس، وتصفها بزهرة المدائن ومدينة الصلاة، رغم أنها مسيحية، إلا أن هذا لم يمنعها من إيقاظ إنسانيتها ومشاركة فنها مع عقيدة أخرى، ففي الأخير كلنا بشر ولدينا إحساس بالآخرين، وعندما نرى البطل، رجل الدين المسيحي هيلاري كابوتشي الذي فارقنا مطلع العام الجديد، ونتطلع على أعماله التي عنونها دائمًا بالكفاح والمقاومة، ودعم القضية الفلسطينية سواء من قريب عندما كان في فلسطين أو من بعيد في إيطاليا بعدما ألقي القبض عليه من طرف قوات الاحتلال وأفرج عنه بعد أربع سنوات، وفي ظل هذه الأمثلة العظيمة وبقاء متابعيها يعطون لها قيمة الاحترام والتقدير نفسها، نعرف أن الإنسانية تطغى على كل الأشياء، ونعرف أننا نحن أيضًا لنا قيمة من المسؤولية حول النظرة السيئة التي أصبحت تلحق بالدين، وتكون تبعاتها السيئة بالنسبة لنا منطقية تمامًا، مثل هيمنة اليمين المتطرف على أوروبا، فهم لهم مبدأ شبيه بمبدأنا، إذ نحن لا نقبل الذي يخالفنا في أي شيء، فكيف إذن نريدهم أن يقبلونا نحن المختلفون عنهم في كل شيء، الثقافة واللغة والدين، تخيلوا معي فقط قيمة السخط الذي سيأخذه أي فنان مسلم بيننا إذ ما تغنى بكنيسة وغنى لها، رغم أننا سابقًا كنا قد أعجبنا بمن غنى للمسجد وهو غير مسلم.
هناك عدة أسئلة وجب علينا طرحها أولها:
لماذا دائمًا ندخل الدين في مسائل هو بريء منها؟
أنا مؤمن بشيء واحد وهو جواب لكل تساؤلاتي، وهو أننا نحن المسلمون نخطئ، والدين أبدًا لن يخطئ؛ لذلك نحن كمسلمين وجب أن نعرف جيدًا ونفهم أن الله ليس ربًا لنا وحدنا فقط، هو ربُ الناس، ربُ الناس بمن فيهم نحن، نحن فقط جزءٌ من الكل، جزء من فصيلةٍ إنسانية جوهرها الأخلاق ومبدأ ديانتها تكميلٌ وترقيةٌ لتلكَ الأخلاق، تلكَ الميزة، تلك الهبة الربانية التي جوهرها في فهمها، في معرفة ماهيتها وربطها بالوجود، بالاستمرار، وربطها بالحياة، لذلك مسؤوليتنا نحن تكمن في معرفة نشر هذا التفكير بطريقة صحيحة، وليس المعاملة بالمثل وشن حرب أخرى تنفر الكل منا.منقول (

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى